إعتصام المرسى و المقاربة الأمنية بقلم ذ.سليمان نجاجي،رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع افني
بمناسبة ذكرى تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في 24 من يونيو سنة 1979،(38 سنة من النضال المستمرمن أجل حقوق الإنسان)،وجب التذكير أن الجمعية و رغم الحصار المفروض عليها و على مناضليها ما زالت تعمل من أجل الوقوف ضد كل أشكال الفساد و الجرائم الإقتصادية المرتكبة بشأن الخيرات و الأموال العمومية – نهب- تبدير- سطو- إختلاس – رشوة – إمتيازات غير مشروعة – تهريب الأموال للخارج،الغش الضريبي…و التي شكلت و مازالت إحدى الأسباب الأساسية في حرمان المواطنين و المواطنات من حقوقهم الإقتصادية و الإجتماعية.و اليوم هناك محاولة لإزالة صفة المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،لمزيد من الحصار عليها لثنيها عن القيام بواجبها من أجل صيانة كرامة الإنسان و إحترام حقوقه.إذا كانت حقوق الإنسان هي التعبير الإنساني و القانوني على حاجات الأفراد و الجماعات و الشعوب،من أجل حياة كريمة تحترم إنسانيتهم،فإنه من أجل الحياة الكريمة يخوض معتصمو الميناء بسيدي إفني معركتهم التي دامت أكثر من 66 يوما..و كذلك معتصم البلدية الذي دام أكثر من 23 يوما..و رغم تضارب الأراء بين مؤيد و رافض لهذه الخطوة،فإنه وجب علينا التذكير أن ما يدفع هؤلاء الشباب على الإعتصام و الإحتجاج،راجع بالأساس إلى أزمة حقيقية،فيها ما هو تاريخي و إقتصادي و سياسي و إجتماعي.. إنها الحكرة و الإقصاء و التهميش،الذي لن يحس بمرارته إلا من إكتوى بناره،فهؤلاء المعتصمون منهم من فقد عمله و زج به في السجن،عقابا له على مواقفه و دفاعه عن حقوقه(عبد الله الحيحي-الخليل الريفي)،و هناك من أتعبه البحث عن العمل.و إذا أضفنا إلى هذا المعطى،كون أن سياسة الدولة،تعتمد على إجراءات التقشف و تحرير الأسعار و الإجهاز على الخدمات الإجتماعية و تفكيك القطاعات العمومية و خوصصتها و تفويتها،فيما يتم إحتكار الخيرات الطبيعية و الإقتصادية من طرف الأقلية،و تكريس التوزيع الغير عادل لها،و نهب المال العام و الإفلات من العقاب و الإستمرار في مصادرة الأراضي و المياه و كل الثروات الباطنية،فلا عجب إذا أن يختار معتصمو الميناء شعار”خيراتنا كفيلة بتشغيلنا”و هو شعار يختصر كل ما قيل سابقا.فالحق في الشغل حق طبيعي للإنسان و المطالبة به ليس عيبا،فهو حق كرسته القوانين الدولية و المواثيق التي صادق عليها المغرب بوجوب إحترامها و تفعيلها،كما أن الدستور المغربي يعلن في الفصل 31 ما يلي:”تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية،على تعبئة كل الوسائل المتاحة،لتسيير إستفادة المواطنات و المواطنين على قدم المساواة من الحق في الشغل و الدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل أو في التشغيل الذاتي…”و نحن يحق لنا أن نتسائل عما فعلته السلطات العمومية تجاه هؤلاء الشباب المعتصمين،فهي لم تأخد حتى عناء الإجتماع بهم و الإنصات لمطالبهم و هي مطالب ليست تعجيزية.كل ما لاحظناه هو تشديد المراقبة الأمنية،من مختلف الأجهزة،تترصد حركاتهم و سكناتهم و تحصي أنفاسهم،و تنتظر الفرصة السانحة لإعتقالهم و الزج بهم في السجن.مع العلم أن الدستور المغربي إذا كان فعلا دستورا ديموقراطيا و ليس ممنوحا،فهو ينص في الفصل 29 على “حرية الإجتماع و التجمهر و التظاهر السلمي و الحق في الإضراب …”.إن المقاربة الأمنية هي عنوان للقمع السياسي،و ما ينتظره المعتصمون و المعطلون حاملو الشهادات ليس مباراة وطنية يختلط فيها الحابل بالنابل من أجل بضعة مناصب للشغل،بل ينتظرون مباراة جهوية لإنصاف أبناء الإقليم. ما تنتظره الساكنة هو النهوض بتنمية المدينة و المنطقة ككل من أجل جبر الضرر الذي تعاني منه بسبب التهميش التي تعرضت و تتعرض له منذ زمن ..خاصة أن المنطقة تتوفرعلى مؤهلات طبيعية و إقتصادية مهمة،يجب توظيفها لهذا الغرض و ذلك عبر الإستجابة للمطالب الإقتصادية و الإجتماعية التي رفعتها الساكنة منذ 2005.إن المقاربة الأمنية التي تم إنتهاجها منذ 2005-2008 إلى الأن لن تقف أمام مطالب سكان إقليم إفني في العيش الكريم.لذلك ذلك وجب على الدولة أن تغير مقاربتها الأمنية لتصبح تنموية لتكفل كل سبل العيش الكريم للشعب.