صحافة الصحراء:وجب على الدولة ملائمة قانون الصحافة و النشر الجديد مع وضعية الصحراء
منذ المصادقة على قانون الصحافة و النشر الجديد و نشره بالجريدة الرسمية و تحديد تاريخ 15 فبراير 2017 كآخر أجل قصد الملائمة لا حديث و لا نقاش يحظى بإهتمام النخبة سوى عن مستقبل الصحافة خصوصا الإلكترونية منها في حال تفعيل القانون لكونها شكلت أداة فعالة في نقل الخبر و عرفت إقبالا واسعا و فرضت نفسها بقوة في ميدان الإعلام.و بالعودة لمضامين القانون الجديد و الذي من منظورنا الخاص يعتبر زجريا أكثر مما هو تنظيمي، كما أنه وسيلة ترهيبية و تراجع ملحوظ عن مكتسبات رجال القطاع و يعد عرقلة لحرية الصحافة، فجولة في فصوله كافية لكشف مدى حيفه، قانون ما دام تفكير النظام قائما في الحد من الصحافة الإلكترونية الفعالة فحتما سيرى الضوء يوما ما دون تفكير في العواقب مادامت الغاية فرملة زحف الصحافة الإلكترونية. و للوقوف على بعض من تجليات هذا الحيف نجد عدم تفعيل مبدأ المقاربة التشاركية أثناء مراحل صياغة مسودة المشروع لأخذ آراء شغيلة القطاع لكونها المعني المباشر بالقانون، فقد كان من الأولى تنظيم أيام دراسية و ندوات و مناظرات و تخصيصها لنقاش فكرة مشروع الحكومة قبل سن القانون، لا برمجة دورات و مناظرات بعد طرح القانون كما هو الحال بالنسبة للعيون و كلميم اللتين شهدتا لقائين يتيمين ناقش أحدهما ما بعد الملائمة و الآخر طرح واقع الإعلام المحلي بالجهة مع تخصيص جزء منه للتعاطي للقانون الجديد و جاءت كمداخلات.ما يلفت النظر عند تصفح ما جاء به القانون بين طياته تغيير قاعدة حماية المصدر و التي تتيح للصحفي عدم إفشاء مصادر خبره مكتسب بات في خبر كان في ظل الحكومة الجديدة و التي ألزمت الصحفي بالكشف عن مصدر المعلومة أو الخبر بأمر قضائي، كما أنه تضمن عقوبات حبسية بشكل نافذ تجاه المس بالثوابت مع منح القضاء سلطة تكييف التهم وفق القانون الجنائي دون تغيير في فصول القانون لملائمة الجنح الصحفية مع إخراج الصحفيين من مظلة قانون الصحافة و إخضاعهم للقانون الجنائي و الإرهابي و أيضا قيمة الغرامات المالية و يبقى باب الإجتهاد مفتوحا و يتيح تأويل مقالات على أنها سب أو تشهير أو تحريض أو … و لعل أهم ما تم تمريره في فصول قوانين : 13-88 و 13-89 و 13-90 بما مجموعه 213 مادة هو سعي الدولة الصريح و الجاد لإخضاع قطاع الصحافة و تقييد الصحفيين.أما بالنسبة لصحافة الصحراء و التي كان من المفترض أن يتم إستثنائها لعوامل عديدة نذكر منها:غياب تام لمعاهد الصحافة، نقص في المؤسسات الصحفية و إقتصار المنابر على تصريح قانوني مسلم من محاكم نفوذ إشتغالها نظرا لضعف عائدات الإشهار إن لم نقل إنعدامها و بسبب عدم الإستفادة من أي دعم كلها كانت عوائق أمام عدم تأسيس المنابر لمقاولات صحفية و التي كانت أساسا وسيلة في ظل القانون الحالي للراغبين في الحصول على البطاقة المهنية لا أقل و لا أكثر ما يعني أنها إختيارية، و للجوء شريحة عريضة من المعطلين بالصحراء سواءا مجازين أو ماستر أو دبلومات صحافة للقطاع فرارا من ويلات العطالة و الذين باتوا عرضة للتشريد رغم توفر شرط التعليم الأكاديمي و خبرة بالمجال إلا أن المواقع التي يشتغلون بها لا تتوفر على ضمانات ملموسة لمقاولاتهم في حال التأسيس تمكنها من الإستمرار و تجنبها تراكم الضرائب. أضف إلى ذلك عدم تفعيل العديد من الوعود الوزارية كبرامج التكوين الجهوية التي لم يكتب لها أن ترى النور بعد و مندوبية لوزارة الثقافة و الإتصال بكلميم لخلق جسر تواصل مفقود بين المسؤولين و صحافة الجهة كان سيكون كفيلا في حال كان فعالا بإيصال مدى تأخر صحافة الجنوب و فتوة نهضتها ما يعني إستحالة ملائمتها لقوانين الحكومة … و غيرها من العوامل و المعيقات التي كان يجب الأخذ بها قبل شمولية القانون لمداشر الصحراء.إستحالة لامستها كل المواقع الصحراوية التي حاولت الملائمة بغض النظر عن مضامينه الجديدة إذ حتى في حال تأسيس مقاولة صحفية وجب على مدير النشر إلى جانب المستوى العلمي التوفر على بطاقة مهنية صحفية صادرة عن المجلس الوطني للصحافة الذي أنيطت له المهمة بعد أن كانت من مهام الوزارة.و منذ أيام قليلة أصدرت الوزارة بلاغا للراغبين في الحصول على البطاقة المهنية تنهي فيه أنه و بالإضافة للشروط القديمة يجب على الصحفي الإدلاء بتصريح الملائمة لمؤسسة إشتغاله ؟؟؟ فكيف ستتم الملائمة و التناقض صريح و واضح و لا محيد عنه؟الملائمة مشروطة بالبطاقة و البطاقة مشروطة بالملائمة؟نفس الأمر يينطبق على التأسيس إذ لابد من توفر المؤسس على بطاقة صحفية قبل التأسيس.إن اللحظة التاريخية التي يمر منها رجال الصحافة سيما بالصحراء لا يخرج عن نطاق رسالة حكومية تحت غطاء تعزيز ضمانات الحرية في مزاولة الصحافة لكن بحقيقة مخفية ترهيبية تقييدية للعاملين بالقطاع أو الراغبين بالإلتحاق به و معززا الترسانة القانونية في مواجهة الصحافة لزيادة الضبابية على مستقبل القطاع و لجعله تحت حماية المخزن.
الصحفي أحمد أبعيريس