محمد الامين أحمد يرد على صاحب كتاب “موريتانيا المعاصرة شهادات و وثائق”

4٬629 مشاهدة
غير معروف

يقول الاب محمد لمين احمد: ما كنت أتصور أن يبادر بعض الإخوة الأشقاء في موريتانيا بالكتابة عن الصحراء الغربية في غيبة من أهلها إلا أنه ما كل تصور يتحول إلى حقيقة مهما كانت مرارتها فإذا بالتيار يجري في عكس مجرى الوادي. ما أريد قوله هو أن صاحب كتاب: “موريتانيا المعاصرة شهادات و وثائق”، السيد المحترم سيد أعمر ولد شيخنا قد غيب – أتمنى ألا يكون ذلك عن قصد – شهادة الصحراويين من كتابه. فيقول في الصفحة 176: “فالكادحون كما يقول ولد أشدو:”كانوا يعتبرون البوليساريو مولودا شرعيا لحركتهم قام على أكتافها ورعاها رجال أنجبت معظمهم ساحة النضال في موريتانيا، وقد طبع أول عدد من 20 مايو لسان حال البوليساريو على مطابع الكادحين في انواذيبو وأول عمليات الجبهة ضد الوجود الاسباني نفذت بسلاح موريتاني، رغم احتضان الكادحين الموريتانيين للبوليساريو غداة تأسيسها، فإن الثابت أن مؤسسي البوليساريو تلقوا تكوينهم السياسي و الإيديولوجي في الجامعات المغربية، فالولي مصطفى السيد كما يقول الحسن الثاني في ذاكرة ملك:“كان منخرطا في حزب التقدم والاشتراكية بزعامة “على يعتة” و قد تم طرده لاحقا من الحزب بسبب ما وصف بأنه ميولات أتروتسكية لديه”… و قبل كل هذا فإن القادة المؤسسين للبوليساريو بنوا حركتهم على إرث من النضال الصحراوي كانت آخر حلقاته مع حركة “البوصيري” التي فجرت انتفاضة الزملة يونيو 1970″.إن المدقق في هذه الأخبار وهذا السيل من المعلومات، إن لم يكن في أجيج الأحداث و معاصرتها ليتصور صحتها رغم تناقضاتها. و كاتب هذه الحروف عاصر كل الأحداث و تطورات الكفاح الذي خاضه و يخوضه الشعب الصحراوي شقيق الشعب الموريتاني. فإذا كان ولد اشدو قد قال أنهم، أي الكادحين ، يعتبرون البوليساريو مولودا شرعيا لحركتهم فإن ذلك مجافي للحقيقة لأن البوليساريو ولدت من رحم النضال الصحراوي بمختلف أشكاله. و لم تكن في يوم من الأيام وليدة حركة أخرى ولدت من رحم نضالات الشعوب المجاورة بما في ذلك الكادحين و لا حتى لقيطا يتبنى من طرف الغير. و هنا لا بد لي أن اطلع القارئ الموريتاني و الصحراوي و حتى المغاربي على حد سواء على نشأة البوليساريو “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب” و علاقاتها بالكادحين الموريتانيين و تطورات الأحداث بعد ذلك. فمرة يقول المؤلف أنه من الثابت أن مؤسسي البوليساريو تلقوا تكوينهم السياسي و الإيديولوجي في الجامعات المغربية و العلاقات الممتازة مع اليسار المغربي و القادة المؤسسين بنوا حركتهم على إرث من النضال الصحراوي إلخ… و أريد أن أنبه الكاتب المحترم أن هذا الكلام يفتقد إلى الكثير من الصحة لأن مرجعية صاحبنا هي الافتراءات التي تسوقها الدعاية المغربية سواء من الأحزاب السياسية المغربية أو القصر الملكي بما في ذلك ما قاله الحسن الثاني عن الولي مصطفى السيد حول انتمائه لحزب التقدم والاشتراكية وأنه طرد لتوجهاته اتروتسكية. إنه البهتان بعينه.. فالولي مصطفى السيد جاء إلى المغرب سنة 1959 طفلا لاجئا في مدينة الطنطان جنوب المغرب مع عائلته وهو خريج معهد إسلامي، وبالتالي لم يعتنق في يوم من الأيام النظرية الشيوعية و كاتب الحروف رافقه في طفولته و في دراسته، و المثل الحساني يقول: “اللي ما يبغيك يحلم عنك حلم شين”. و عليه فإن ما قيل في هذا الاتجاه باطل الأصل و بالنتيجة باطل الفرع. فلو تطرق المؤلف للرسالة التي أرسلها الولي مصطفى السيد إلى فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بعد غزو الصحراء الغربية لاستنتج هل فكر الولي فكر إسلامي أو شيوعي ألم يختم رسالته بهذه الجملة:“أتق الله يا مختار.” و لو كان مؤسسو البوليساريو تلقوا تكوينهم السياسي و الإيديولوجي في الجامعات المغربية لما كان أول أمين عام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي سيد المصطفى، أمين سر المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء. و لم يكن ضمن أعضاء اللجنة التنفيذية السبعة إلا فرد واحد قادم من جنوب المغرب و الستة الباقون ثلاثة منهم من شرق الصحراء الغربية و الثلاثة الباقون من شمال غربها. صحيح أن ميلاد الجبهة و مؤتمرها التأسيسي الأول كان في مدينة ازويرات الموريتانية و لم يكن لا بمباركة السلطات التي كانت تطارد المناضلين الصحراويين و لا بمباركة من الحركة الوطنية الموريتانية أنذلك التي كانت جد منشغلة بالأوضاع الموريتانية الداخلية أكثر منها من مصير الصحراء الغربية. ثم أن أول عملية عسكرية لجبهة البوليساريو نفذت في أقصى الشمال الصحراوي و أقرب الحدود إليها كانت الحدود المغربية و ذلك يوم 20 مايو 1973 بخمسة بنادق قديمة جمعت من عند البدو الرحل الصحراويين و لم يكن فيها سلاح أجنبي على الإطلاق. و أريد هنا أن أشير أنه وقت اتصالات بالحكومة الموريتانية في مارس 1973 من طرف بعض قادة المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء الذين كانوا حديثي العهد بالسجون الأسبانية و هم: – إبراهيم غالي سيد المصطفى، أمين سرر المنظمة وأحد القادة المؤسسين لها في 11 ديسمبر 1969 – أحمد القائد صالح البشير بيروك، أحد المعتقلين بالقنديل بالداخلة بعد مظاهرات 1970 – موسى لوشاعة لبصير، معتقل رفقة أحمد القايد صالح – محمد سعد بوه – لوشاعة محمد لمين ميلد – محمد سالم عبد الله – البشير عبد الله – عبيدي الشيخ هؤلاء قدموا مذكرة للسلطات الموريتانية يطالبون فيها دعم الحكومة الموريتانية والسماح لحركة صحراوية مستقبلية بالتحرك في التراب الموريتاني وأنه في المستقبل لا بد من شن حرب ضد الاستعمار الأسباني إذا لم يذعن للمطالب الصحراوية. و قد أستقبل هذا الوفد من طرف كل من وزير الداخلية الموريتاني السيد أحمد ولد صالح والسيد حمدي ولد مكناس وزير الخارجية. فبماذا نصح الوزيران؟ لقد اعتبرا أن التحرك السياسي لا مانع فيه لكنه يجب أن يكون بعلم الحكومة الموريتانية و أنه من الأفضل للصحراويين أن يؤسسوا حزبا سياسيا و يناضلوا من أجل الاستقلال الداخلي أولا ثم الاستقلال على الطريقة الموريتانية. إلا أن هذه الكوكبة كانت مرتبطة بالنضال الصحراوي الجامح و الذي مس كل مناطق التواجد الصحراوي بما فيه ذوي الأصول الصحراوية في موريتانيا. و بعد ما استنتج حكام موريتانيا أن تفكير الصحراويين هو الكفاح المسلح بدأت مضايقات هؤلاء من طرفهم و هو ما دفع بالقوم إلى الانتقال إلى العمل السري داخل التراب الموريتاني مع الحفاظ على بعض الوجوه المعروفة لدى السلطة. و على ضوء ذلك تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كما أسلفنا. لم تقطع الاتصالات بين الحكومة الموريتانية و الجبهة الحديثة عهد بالولادة، فقد أرسلت رسائل إلى الحكومة الموريتانية و إلى حزب الشعب الموريتاني بعد الإعلان عن تأسيسها مباشرة و ذلك يوم 12 مايو 1973 برسالة موجهة إلى الأمين العام للحزب المختار ولد داداه عن طريق صل عبد العزيز مداوم الحزب و التي بقيت صيحة في وادي و كأن لا حياة لمن تنادي. بداية الاتصالات بالحركة الوطنية الموريتانية: كان أول من اتصلت به جبهة البوليساريو هم البعثيون الموريتانيون، و كان أول لقاء لهم معهم يوم 15 مايو 1973 بين كل من محمد ولد الطلبة و الآنسة خديجة منت سيدي محمود التي كانت الوسيط بين موفدي الجبهة و قيادة البعث و قد شارك في هذا اللقاء من الجانب الصحراوي: محمد الأمين أحمد و أحمد القايد صالح في مدينة أنواقشط بمنزل والدة خديجة السيدة العلية، التي كانت نشيطة في حزب الشعب الموريتاني، (العلية طبعا). أما المرحومة خديجة منت سيدي محمود فكانت تربطها روابط عائلية مع أحد هذين الموفدين. و تم الاتفاق على ما يلي: 1. مواصلة الاتصالات حتى توضح الجبهة رغبتها فيما يخص القطر الموريتاني، حسب تعبير ولد الطلبة 2. هناك عنصر نشيط في التيار البعثي في السنغال يدعى “أشرا” يمكن الاتصال به لتسهيل مهمة الجبهة الإعلامية في هذا البلد 3. تشكيل لجنة تضامن مع الشعب الصحراوي خاصة في الإعداديات و الثانويات ومن العمال الموريتانيين 4. تنبيه حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق إلى ضرورة دعم و مساندة الشعب الصحراوي في كفاحه ضد الاستعمار الأسباني 5. فتح مجال عن طريقهم للاتصال بالحركات و التيارات الأخرى على الساحة الموريتانية. و الذي أستنتجه الصحراويين من اللقاءات المتكررة مع هذا التيار أنه يريد الاستحواذ على الاتصالات و إبقائها ضمنه. و رغم ذلك فقد وقعت اتصالات محدودة و لقاءات متفرقة مع التيار الناصري الوحدوي و مع البعثيين الاتجاه السوري. الاتصالات بالكادحين لموريتانيين لما أحس قادة حركة الكادحين حتى قبل أن يؤسسوا حزب الكادحين الموريتانيين بأن جبهة البوليساريو حقيقة موجودة، خاصة و أنها أجرت عددا من اللقاءات مع السفارات الصينية، الروسية والعراقية والليبية والجزائرية وبحركات التحرير الأفريقية المعتمدة في موريتانيا خاصة حزب PAIGC لغينيا بيساو و الرأس الأخضر، و بأن هناك اتصالات بالحركات الموريتانية الأخرى بادروا إلى الاتصال بالجبهة عن طريق عضو من مناضليهم في مدينة الزويرات و ذلك يوم 2 سبتمبر 1973 و جدد اللقاء في مدينة أطار يوم 14 سبتمبر 1973 ضمن طريق المرور التالية:

– على الساعة الثانية عشر من منتصف النهار يكون شخص بدراعة زرقاء اللون ولثام أسود على رقبتة أمام أحدى الدور في حي “أمباركة و أعمارة” و يأتيه شخص صحراوي فيقول له: “كم الوقت؟”، فيجيب صاحب الدراعة: “الواحدة إلا خمسة دقائق”. فيقول له الصحراوي: “سواكك زين.. هل لديك شئ من التبغ؟”، فيتعارفا ويتوجها عبر أزقة بعضها مغلق في مدينة أطار. هكذا تم اللقاء الأول. كان ثلاثة عناصر من الكادحين وبعد تحليل للأوضاع من طرف الموفد الصحراوي عن الاستعمار الأسباني للصحراء الغربية و الدوافع التي أدت إلى تأسيس الجبهة بعد الإخفاق الذي تعرضت له الحركة الوطنية الصحراوية في مذبحة 17 يونيو 1970 والكفاح المسلح الذي اختاره الشعب الصحراوي للتخلص من الهيمنة الاستعمارية و أنها حركة وطنية تضم كل الفئات المناهضة للاستعمار بما في ذلك بعض الذين يحسبهم البعض أعوانا للاستعمار، و نجاح أول عملية عسكرية في شمال البلاد الصحراوية والسجن الذي تعرض له بعض مقاتلي الجبهة في مدينة بئر أم أقرين الموريتانية. كما تطرق الطرف الموريتاني في هذا اللقاء إلى الأوضاع العامة في موريتانيا و نضال طبقة الشغيلة الموريتانية والنظام الاستعماري الجديد في البلد والحركات الوطنية في موريتانيا وماذا يمثل حزب الشعب الموريتاني…إلخ. بعد الاستعداد لمؤازرة كفاح الشعب الصحراوي بالإمكانيات الشحيحة المتوفرة لدى عناصر حركة الكادحين الموريتانيين. و كانت الأسئلة تتمحور حول: – هل أنتم مصممون على مواصلة الكفاح المسلح؟ – ماذا تريدون من الحركة الوطنية الموريتانية؟ – ماذا تطلبون بالتحديد من موريتانيا حكومة وحركة وطنية؟ – هل لديكم اتصالات بحزب الشعب الموريتاني؟ – ما هي أيديولوجية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب؟ – ما هو آراؤكم في النظام الروسي و الصيني؟ والنظام الموريتاني والمغرب والجزائر؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي جاءت بعد أن قدم الطرف الصحراوي عرضا مطولا عن القضية الصحراوية وتطور كفاح الشعب الصحراوي و الأسباب التي أدت إلى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كما أسلفنا. و قد انفض الاجتماع على أن تعين كل جهة منسقا عنها، و في اليوم الموالي عينت الجبهة السيد عبيد لوشاعة منسقا وعينت حركة الكادحين السيد يب، و قد يكون اسما حركيا. ودعمت الحركة الجبهة بصندوق (كيس) من الدواء ليصل إلى الزويرات يوم 18 سبتمبر 1973 و تواصلت اللقاءات التي أسفرت على التزام حركة الكادحين بتزويد الجبهة بما أمكن من ذخيرة الموسكوتوف (بندقية رباعية) والأدوية وبعض الأحذية والألبسة. إلا أن أهم ما توصلت به الجبهة هو آلة طبع باللغة العربية ينقصها حرف الإلف و قد عوض برقم واحد بالأرقام الهندية و قد وصلت هذه الآلة يوم 2 نوفمبر 1973 و طبع بها العدد الأول من مجلة 20 ماي اللسان المركزي للجبهة و صدر أوائل شهر ديسمبر 1973. أما آلة التكثير فقد وهبها أحد التجار الصحراوين للجبهة و زودها بأستانسيل مجموعة الكادحين و ذلك مع مطلع يناير 1974. و هكذا استمر الاتصال وتأسس حزب الكادحين فيما بعد و نشرت مجلة “صيحة المظلوم” عددا من المقالات النيرة حول الصحراء الغربية وكفاح شعبها. كما نشرت قصيدة تاريخية من إنتاج موريتاني تحت عنوان “ثوار الصحراء كائمين بالنضال ألي زاد زين” ….إلخ. و لم يسبق لحزب الكادحين أن اقترح أو أرسل متطوعين موريتانيين ليكافحوا إلى جانب الشعب الصحراوي، و ما قاله المصطفى ولد أعبيد الرحمن لا أساس له من الصحة بل يفتقد إلى الدليل و هو كلام لم نسمع به من قبل إلا بعد أن هلل البعض لتقسيم الصحراء الغربية مع النظام المغربي، وراء الخطوة الارتجالية التي خطاها الرئيس الموريتاني آنذاك المختار ولد داداه، سامحهم الله. يمكن أن يكون هناك اهتمام من طرفهم لكن و لم يساهم أي كان في تشكيلها من جهة أجنبية مهما كانت صفتها و إنما جبهة البوليساريو هي نتاج صحراوي صرف. ثم أنه لم يوضع خلال التنسيقات المختلفة أن وضع على الجبهة تحديد خط موريتاني في نضالها بل كانت الجبهة واضحة بأنه يمكن القبول بعد الاستقلال الصحراوي بفتح النقاش حول الوحدة أو فدرالية أو كنفدرالية…. إلخ. لكن الهدف الآني و الأسمى هو استقلال الصحراء الغربية من الاستعمار الأسباني. ولم يشب هذا التصور أي غموض أو ازدواجية. إننا في الجبهة نفهم الفرق بين من كان يدافع عن مبادئ وقضية وتحول إلى مدافع عن نفسه وقد أثبتت الأيام صدق ذلك سواء في الذين تخلوا عن مبادئهم في موريتانيا أو حتى في الصحراء الغربية والإنسان غير معصوم والمثل الحساني يقول: “التخمام فزات نارب”. و في هذا السياق أريد أن أشير على أن أول المتطوعين من موريتانيا كانا من التيار البعثي و هما شابان احدهما يدعى عبد الله ولد محمد ولد أبوه من مدينة بوتليميت و قد أطلق عليه الاسم حركي “مصطفي أبوه” و قد ترقى تدريجيا من محافظ وحدة صغيرة إلى مسؤول العلاقات الخارجية في اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى عضو مكتب سياسي في الجبهة ليطلب الرجوع إلى وطنه بعد أن أخل بواجب الانضباط، و مع ذلك وافقت القيادة الصحراوية على طلبه فأكرمته. وبعد أشهر في موريتانيا انتقل إلى الصف المعادي، أي إلى المغرب، و هو الآن سفير هذا الأخير في أنغولا. أما الشاب الثاني فإنه من المنطقة الشمالية الموريتانية و هو سيدي ولد مولاي الزين و قد رقي إلى محافظ سياسي لأكبر ناحية عسكرية لجبهة البوليساريو و وقع في الأسر سنة 1979 و لم يطلق سراحه إلا يوم 31 أكتوبر 1996 مع كوكبة من رفاقه الصحراويين وهو الآن ضابط سامي في جيش التحرير الشعبي الصحراوي و بقي على المبدأ و العقيدة. و كانت انطلاقتهما بعد المؤتمر الثاني للجبهة المنعقد من 25 على 31 أغسطس 1974. أما المتطوع الثالث فقد التحق بالجبهة أواخر سنة 1975 و هو من تيار الكادحين الموريتانيين و أسمه محمد الأمين إلا انه اشتهر باسم “الأحمر الصغير” LE PETIT ROUGE و قد جرح في معركة “أجو السبط” بأكركر سنة 1977. و بعد وقف إطلاق النار ذهب إلى موريتانيا مسقط رأسه ثم بعدها انتقل إلى العمل في الإمارات العربية و غابت بعدها أخباره إلا أن ملفه العسكري ما زال في أرشيف وزارة الدفاع الوطني الصحراوية. كما أشير إلى أن الوفد الأجنبي الوحيد الذي شارك في المؤتمر الثاني للجبهة سنة 1974 كان الوفد الموريتاني عن حزب الكادحين الموريتانيين PKM و الذي مثله آنذاك المصطفى ولد بدر الدين الذي لم ينزلق كما فعل بعض رفاقه وراء المختار ولد داداه و حرمه في فعل ما كانوا يحاربوه إبان مطالبات المغرب بموريتانيا. أما قضية الاستقلال على الطريقة الموريتانية فإن حكومة مختار ولد داداه على لسان وزير داخليته السيد أحمد ولد صالح إبان لقاء له مع رواد الحركة الوطنية الصحراوية شهر مارس 1973 فقد اقترح أن لا يقوم الصحراويون بأي عمل مسلح لأنه ليس في صالحهم ومن الأفضل أن ينتهجوا السبيل الذي سارت فيه موريتانيا كما أسلفنا. وقد تحاشى القوم الجواب وإنما اكتفوا بالقول أن ذلك سيقرره الصحراويون إذا رأوا مصلحتهم فيه. وإذا كان الكادحون قد اقترحوا ذلك بعد تأسيس جبهة البوليساريو فإن ذلك لا يمكن أن يقبل خاصة إذ أن هناك قيادة جماعية لهذه الجبهة كما أن هناك قاعدة لم تعد تؤمن إلا بالرد على القوة بالقوة، ومنسق الجبهة لم يبلغ القيادة بمثل هذا مقترح. أما بخصوص ما قاله الأستاذ المحترم محمدن ولد إشدو: “لذلك نصحوا الصحراويين بالسعي إلى الاستقلال الداخلي أولا وتبني تجربة موريتانيا في المجال… ذلك هو مضمون رسالة نقلت إلى الولي رحمه ألله سنة 1974 وهو يومها في انواقشط حيث التقى بالرئيس المختار ولد داداه… ووافق عليه خليهنة ولد الرشيد رئيس مجلس الأعيان” . و هذا كلام غير صحيح البتة، فالولي التقى مع المختار ولد داداه مايو 1975 فالمقترح المزعوم لم يوصله المرحوم الولي إلى رفاقه ومن عادته ألا يترك كبيرة ولا صغيرة إلا أخبرهم بها. ثم أن خليهنة ولد الرشيد لم يكن رئيسا لمجلس الأعيان الصحراويين و قد التقاه الولي مصطفى والمرحوم المحفوظ على بيبا شهر فبراير1975 بمدينة أنواقشط وكانت أسبانيا قد أسست له حزبا وأسمته حزب الاتحاد الوطني الصحراوي (البونس) وعينته أمينا عاما له. وهو شخص متزوج من اسبانية من مدينة إشبيليا، حيث أن اسبانيا أرادت بذلك إتباع خطوات فرنسا في موريتانيا مع ولد داداه ظنا منها أن ذلك ممكنا، لكن الفكرة جاءت متأخرة نظرا للضربات الموجعة التي تلقتها أسبانيا على سواعد مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الجناح المسلح لجبهة البوليساريو، والالتفاف الشعبي حول الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب. أما حكاية الوفد الذي ترأسه الأستاذ محمدن ولد أشدو إلى الجزائر شهر يناير 1976 فقد جاء بمشروع بيان على أساس أن الوطنيين الموريتانيين ليست لهم مطالب في الصحراء الغربية و هناك فقرة تقول بأن جبهة البوليساريو ليست لها مطالب في موريتانيا، الشيء الذي رفضه الوفد الصحراوي باعتبار أن جبهة البوليساريو لم تكن لها قط مطالب في موريتانيا لا خفية و لا علنية. و فشل الموفد الموريتاني (الكادحين المنضويين تحت لواء حزب الشعب الموريتاني) في إقناع الوفد الصحراوي و لم ينشر البيان. أما فيما يخص البلاغ العسكري حول معركة عين بنتيلي، فهناك بنتيلي الصحراوية و بنتيلي الموريتانية و المعركة وقعت فيهما معا لأن الحرب اندلعت باتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب، اسبانيا و موريتانيا، و لا يمكن القول بأن موريتانيا أعتدي عليها لأنها هي التي أعلنت الحرب و عواقبها يتحملها النظام الموريتاني آنذاك و من تحالف معه داخليا، و عليه لا يمكن التحكم في رقعة الحرب. ثم أن البوليساريو لم و لن تفكر في يوم من الأيام أن تبحث عن طابور خامس موريتاني لأنه لا يمكن للمنطق أن يقبل بذلك. ثم أن هناك في موريتانيا صحراويون و قد أظهرت لهم السلطة وقتها أنهم ليسوا موريتانيين فعاملتهم كما عامل الأمريكيون ذوي الأصول اليابانية لما كانت الحرب العالمية الثانية في ديدنها. و البلاغ العسكري صدر قبل مجيء الأستاذ محمدن ب 15 يوما على الأقل، و كان بلاغا عسكريا بعيدا عن السياسة أو الانتقام للشعب الموريتاني. الأستاذ يدافع في العمق عن التوجه الذي سارت عليه الأمور بنظر السلطة التي تحول هو مع الأسف إلى جزء من مكوناتها. ثم أن الأستاذ محمدن ولد إشدو أصبح مضطلعا فجأة على كنه جبهة البوليساريو وميزانياتها وتسليحها، وليعلم أن سلاح سام الذي يتكلم عنه لم يدخل ضمن سلاح البوليساريو إلا بعد ذلك بسنوات. ثم أن البيان لم يصدر قط و لم يتفق عليه و لا على المحتوى الذي جاء به الأستاذ المحترم و إلا لكان البيان نشر قبل كلامه بسنوات. أما “فيلا عزيزة” التي تكلم عنها ولد إشدو فهي مقر إقامة الرئيس هواري بومدين و الشاذلي بن جديد بعده، و لم تكن في يوم من الأيام مقرا للبوليساريو. إن ما قاله مناف للحقيقة، و ما قاله عن الولي رحمه الله مجاف لها أيضا، لأن الولي و هذا مسجل ومكتوب لدى كوادر البوليساريو حول القبلية إذ يقول “القبلية قنبلة موقوتة” ثم أنه أي الولي لم يحد عن المبادئ التي آمن بها منذ تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب حتى سقط في ميدان المعركة. و أن غيابه لم يخل من بعدها الجماهيري بتاتا و إلا لما صمدت كل هذه السنين المتلاحقة. أما بعدها البيظاني فلا جدال فيه، فالمرحوم الولي مصطفى السيد قال ذات مرة ولولد إشدو نفسه “بأن الصحراء وموريتانيا بيضتان في عش واحد”. أتمنى ألا يكون ما جاء في غفلة منهم عن التاريخ والصحراويون لا يمكن أن ينكروا الجميل خاصة ما دعمتهم به الحركة الوطنية الموريتانية طيلة كفاحهم رغم كل التقلبات السياسية. * قيادي من مؤسسي البوليساريو من الصحراء الغربية

المصدر:صفحة : Alwali Bassiri

    wesatimes
2017-11-07 2017-11-07
bank populaire