مشروع تنموي آخر.. و لسان حال الصحراويين:”شاف زراگو ل ما ظاگو”….بنعبد الفتاح محمد سالم

1٬961 مشاهدة
غير معروف

مشروع تنموي آخر.. و لسان حال الصحراويين: “شاف زراگو ل ما ظاگو” بنعبد الفتاح محمد سالم

مخطط فلاحي خاص بجماعة الجريفية بقيمة 46 مليار سنتيم

على ضوء الاعلان الرسمي لوزارة الفلاحة عن مخططها الخاص بجماعة الجريفية جنوب شرق مدينة بوجدور، والذي تضمن العديد من الارقام والمعطيات الهامة بخصوص تنمية الاقليم والجهة، وخاصة ما يتعلق بالميزانية المخصصة له وبموضوع خلق فرص الشغل، يتعين على جميع المتدخلين و على رأسهم الفاعلين الاعلاميين والاقتصاديين و المدنيين أن يدلو بدلوهم حول المشروع و يتابعوا تفاصيله بدقة حتى لا يلقى مصير العديد من المبادرات التنموية التي طبل لها الاعلام و سوقت لها الجهات الرسمية قبل تستحيل الى مجرد ريع يدر المداخيل المعتبرة على قلة من المستفيدين المحسوبين على جهات سياسية معينة، بسبب المحسوبية و الزبونية اللتان تطبعان تدبير الشأن العام في المنطقة، حيث يتم التلاعب بمعظم الصفقات الخاصة بإنشاء و تدبير تلك المشاريع شأنها شأن فرص التشغيل فيها، التي تستغل لتجنيد الأتباع و المريدين السياسيين وفي أحسن الأحول يتم حرمان أبناء المنطقة منها واستجلاب العمالة من مدن الشمال…

المشروع الذي يندرج في إطار “البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية” الذي دُشِّنَ خلال الزيارة الملكية الأخيرة للاقليم، يروم بحسب ما صرح به المدير الجهوي لوزارة لفلاحة و تناقلته العديد من وسائل الاعلام، يروم تهييئة 1000 هكتار، ورفع إنتاج الحليب بـ 1750 طن، و اللحوم بـ 600 طن، والخضروات بـ 50000 طن… موضحا ان المشروع بتضمن مد الجماعة بتجهيزات السقي بالتنقيط، و بمختلف أساليب و أدوات الفلاحة العصرية كسلسلة انتاج حليب الأبقار، و أدوات الزراعة تحت البيوت المغطات…

لكن الأهم بالنسبة للساكنة هو ما يتعلق بالميزانية المخصصة للمشروع التي أعلنت عنها الوزارة، و التي تبلغ أكثر من 465 مليون درهم (46 مليار سنتيم)، بالاضافة الى فرص التشغيل المنتظر أن يوفرها و التي ستبلغ 756 منصب شغل، بحسب ما أعلن عن المدير الجهوي لوزارة الفلاحة.

أرقام جد مشجعة سواء بالنسبة لشباب المنظقة الذين أنهكتهم البطالة التي تتربع الجهات الصحراوية على المراتب الأولى في معدلاتها في المغرب، كما تحظى بالاهمية ذاتها بالنسبة للمستثمرين المحليين الذين يرومون الاستفادة من المشروع بشكل مباشر أو بالمساهمة في أشغال تشييد مرافقه…، لكنها تبقى مجرد أحلام وردية سرعان ما ستصطدم بالتشكيك و التخوف إزاء شفافية القائمين على تدبير الصفقات المتعلقة بالمشروع.

فبالنظر الى التجارب السابقة التي دشنت من خلالها الجهات الرسمية مشاريع بملايير الدراهم في الإقليم، خاصة ما يتعلق بالتهيئة الحضرية للمدن الصحراوية أو بما أطلق عليه رسميا “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” وهي المبادرة الخاصة بدعم المجتمع المدني وبتمويل مشاريع الشباب، أو حتى بمشروع إنشاء محطة “نور العيون” لانتاج الطاقة الشمسية الجاري إنشاءها حاليا أوغيرها من المشاريع…، جميعها غلب عليها الارتجال وطبعتها المحسوبية والزبونية، تم تحوير أهدافها، وغابت نتيجتها على أرض الواقع، على الأقل لحد الساعة، فلم تساهم لا في انخفاض معدلات البطالة في المنطقة، ولا بخلق فرص الشغل بين شبابها، ولا حتى بالنهوض بمستوى دخل الفرد او بالواقع الاقتصادي للاقليم، بدليل استمرار استعار الجبهة الاجتماعية في كافة المدن والتي لم تستثني أي فئة من فئات المجتمع، حيث لا تزال التنسيقيات الغير معترف بها رسميا تصدرها للمشهد المحلي، بدء بالمعطلين ومرورا بمتقاعدي مجموعة من القطاعات، وليس انتهاء عن الأرامل والمطلقات وغيرهن من الفئات الهشة في المجتمع…

واقع مرفوض لدى غالبية أبناء المنطقة ينذر بمزيد من التصعيد في الشارع الصحراوي، و يتطلب لمعالجته مصارحة الساكنة بالأخطاء المرتكبة بخصوص تدبير الشأن الاجتماعي و الاقتصادي طوال العقود السابقة، كما يتطلب القطيعة مع أساليب الريع و الفساد التي تطبع تدبير الشأن العام حيث تحتكر مجموعة قليلة من الافراد و الأسر و العناصر المحسوبة عليها على معظم المواقع و الامتيازات ما يضرب مبدأ التنافسية و عدم التنافي و حتى مبدأ تكافؤ الفرص…، فهل سيلقى المشروع الفلاحي الخاص بجماعة الجريفية مصير المشاريع التي سبقته فتنهب الميزانيات الرسمية و تضيع مقدرات الوطن بين المفسدين و لصوص المال العام وأذنابهم؟

2018-01-18 2018-01-18
bank populaire