الدريوش.. “جلسة النطق بالحكم”
بقلم : أيوب بولهدارج
بسم جلالة الملك
الملف المدني عدد 01/01/2018.
المطالبين بالحق المدني / ساكنة الدريوش.
بعد المداولة وطبقا للقانون..،
الوقائع..،
يستفاد من الوقائع المدرجة في المقال الإفتتاحي الذي تقدم به الدفاع حول الأوضاع الإجتماعية و البيئية و الإنسانية والثقافية والإقتصادية التي تعيشها الدريوش ، منها ما يستهدف سلامة المواطن بصفة مباشرة من جراء ما يتكرر بإستمرار من حوادث أليمة، و مستجدات خطيرة، و منها ما تعانيه بعض الطاقات الشابة من نسيان محتوم و مقدر ، و بعض القطاعات من تشنج و تختر، و بعض الوجوه السياسية من فقر سياسي و ركاكة الخطاب و تعثر اللسان.
و من ناحية أخرى، فإن نقطة البلوكاج المثارة في صلب المقال، تبقى الأكثر غموضا من الناحية العملية خاصة ،و أن الأمر طال أمده، و إن بقى على حاله فالخاسر الوحيد حليف المدينة، بعد عجز الطرف الأول في التسيير و الثاني في تدبير أمر البلوكاج، لأن خطوات عديدة كان لزاما تنفيذها و لم تنفذ لهذا السبب أو ذاك.
تعزيز مكانة الدريوش إقتصاديا، عبر خلق جملة من المنشآت الصناعية و تشجيع الإستثمار و تقوية المناعة الإنتاجية لتماسك مجتمع مشتت، أولوية جهلها العاقلون و صدقها الساذجون.
الريادة لعاصمة الإقليم وتحصين المصالح، و استثباب الأمن و الرفع من قدرة التدخل لدى المنظمات المدنية، و العناصر الأمنية، و فرق الإنقاذ، أمور شبه غائبة و واقع معاش لا ينكره عاقل.
التوقيع على مصالحة ذاتية عملية، لتقريب المستحيل البعيد، من أجل طيب الهناء، و حياة السعداء، و رفع الحرج، و تيسير الخدمات التطبيب نموذجا و التعليم أساسا، و الباقي تكميلات، لا ظهور له و لا وجود إلا ما يذاع عبر منابر الزور.
فرصة تبادل التجارب و إبراز العمق الحقيقي للإبتكار بالثكنة “لقديمة”، معيب بعيب رداءة التنظيم و توفير ملجئ للوافدين و العلامة الكاملة للعارضين.
التعليل..،
قرأت “لغارسيا مركيز” فتيقنت أنكم ستعيشون بالفعل “مائة عام من العزلة”، إذ خلت بعضها و تبقى منها ما قدر لكم عيشه.
هو وهم سيطر على خلايا المجتمع، فتورم خبثا و انحطاطا و رذالة، حتى فقد الأخير آخر القلع المحصنة بقوة المنطق و شجاعة الرجال على مشارف “أيث رحو” آنذاك.
نسيج فككت “مغازل” نسجه بين الجدة و الحفيدة، لنسج زربية بألوان زاهية، هي مجلس للعائلة و غطاء للتدفئة و وقاية و علاج و مجمع الأحباب.
نسيج جمعوي منفك بأهداف درامية كرتونية، و تسويق لعجز لغوي و أدبي و ممارساتي تعلمي، يبين ما قص بين الإطار و الصورة، و يزكي أن الجريمة مكتملة الأركان هنا، و أن لطفي المنفلوطي لم يترجم “ماجدولين” عبثا، بعدما انشقت عن استيفن و انقسم الجسد إلى إثنين و الحال هو ذا.
لا تغني القلل بعد الذي قيل، قوانين داخلية محصورة بين الناب و الرباعية، تسييس كل شيء في أفق التسييس الكلي، استعراض العضلات و الصور المجانية بعدسات”نيكون”، لن تخدم المصلحة و لن تأتي بالمصالحة.
حالات الهوان التي تحدثت عنها، عيناها في مجتمعكم، بأن العجاب العجاب، افتضح الأمر و هان الهوان نفسه.
طريق الموت، عجل بالأحزان و أفسد عليكم حلاوة العيش، و أبقى على حلاوة اللسان، في كل ندوة و دورة و لقاء، فإن رأيتم رأينا و إن قلتم سمعنا، و إن اشتكيتم لا أجابوا.
عشتم، قهرا و حسرة و شوقا، بكى معكم الباكون، و تحسر المتحسرون و ندب حضهم النادبون و أنتم ضللتم مكانكم مثقلون متراصون جامدون هادمون، فتقدمت الأمم و ارتقت المجتمعات و لازالت قريتكم المغمورة عشا، بناه غرباء و سكنه مجهولون.
قضيتكم خلقت ضجة و أثارت نقاشا و جدالا بين فقهاء القانون، و دارسي الفلسفة، و قراء الأعشى و هيغو و محفوظ و شوقي و مطران و آخرون.
قضيتكم، طين بلله غيث منهمر على أمر قد قدر، فلا أنبت خضرا، و لا سنبلا حصد الزارعون.
قضيتكم، مفعول بها فسبقت الفعل و الفاعل و أضافة ما جرته إلى المفعول، بعد إدراك أنه بريء من فعله، فآختلطت الأوراق على المعلم و لم يجد لإعرابه محل تصنف فيه معاناتكم، فانتحر و مات و غدة ذكرياته أوراق تتساقط على رصيف خريفكم بعد أن ذبل.
قضيتكم، وابل من الجروح، و الندبات، و الخدوش، مزقت جسدكم، فلا حقن نفعت و لا إنعاش أفاق الضمائر.
قضيتكم، سرب حمام و حجل طار بين الغيوم، و حلق و غدى هاربا من دنيا الوحيش و صحاري العناد و الكرب.
فإن يَكُ صَدْرُ هذا اليوم وَلىّ … فإنَّ غَداً لناظرهِ قَريبُ.
هذا و بعد الإطلاع على أوراق القضية، و ثبوت إدعاء الدفاع بشكل لا لبس فيه، مما يدفع معه قطع الشك باليقين، و بعد أن أحيل الملف على أنظار لجنة مشكلة من مستشاريين عن هيئة المحكمة و خبراء لإجراء خبرة ميدانية تبين للمحكمة، أن ما عاينته يتوافق و ما جاء في المقال الإفتتاحي من إدعاءات و الذي زكته طلبات المدافع عن الحق المدني.
الحكم لآخر الجلسة..،
المنطوق..،
لهذه الأسباب، قضت المحكمة إبتدائيا، علنيا، حضوريا أولا من حيث الشكل بقبول الطلب.
و من حيث الموضوع الحكم بعد الإختصاص، و إحالة أوراق القضية على محكمة الموضوع للنظر في الملف.
باسم جلالة الملك، رفعت الجلسة.
هام:
“نلفت أنظار القارئ الكريم، بإقتراب موعد الجلسة الثالثة لعرض الوقائع أمام المحكمة المختصة”.