بعد انتهاء الجولة الأولى للمبعوث الأممي للصحراء الغربية ديميستورا في الرباط والرابوني ومخيم اسماره وانواكشوط والجزائر؛ تشكل لدي انطباع.
تمثل في أنه التقى في المغرب برجلين ليس من بينهما صحراوي.
والتقى في الرابوني ومخيم السماره بمائة رجل وثلاثين امرأة كلهم لاجئون صحراويون قادة ومواطنون عاديون ومن فعاليات جمعوية وسياسية.
وفي انواكشوط التقى بأربعة رجال وفي الجزائر اجتمع بثلاثة.
وبلغة حسابية فإن أصحاب الأرض المتنازع عليها هم وحدهم من يتذكرها ويتفهم عياء جيرانهم المباشرين واستحياء المجتمع الدولي حيال فهم معاناتهم.
ظل ديميستورا صامتا وارتدى ربطة العنق قليلا؛ ولم ترشح ديناميكية جديدة للعلن.
المغاربة تمسكوا بأن لاتفاوض على مغربية الصحراء وتقبل مادون ذلك مع الإبقاء على حكم ذاتي للإقليم في شقه الخاضع لسيطرتهم إن حضر الجزائريون كطرف.
الصحراويون تمسكوا بالحرب والتفاوض على إيقاعها وعودة مسار التسوية للمربع الأول واستفتاء تقرير المصير.
والموريتانيون لم يتحدثوا عن حضورهم كطرف من عدمه ولم يرشح شيء مما قد يفسر على أنه حياد فعال؛ رغم واردية مطالبتهم بإحياء تدريجي لاتفاقية مدريد كمخرج يعرضون فيه كونفيدرالية تدريجية مع الدولة الصحراوية.
أما الجزائريون فاستمروا في مقاطعتهم لجلسات الطاولات المستديرة وتمسكوا بمحددات سياستهم الخارجية المتمثلة في نصرة الصحراويين والفلسطينيين كشعبين عربيين مضطهدين.
لوحة قاتمة التقطها ديميستورا مشكلة من التنافر والتدابر والمتاركة والمغاضبة، لن ينفعه في تفكيك شيفرتها سوى كبار العالم حين عودته إلى نيويورك.
وبين هذا وذاك يستمر الصحراويون في غدوهم وآصالهم منذ ستة وأربعين عاما بين مقاتل ولد لاجئا ويريد أن يسلك طريق ابيه أو جاره أو أحد أقربائه في الموت في سبيل حريته؛ وبين سياسي يراهن على إيجاد مخرج دبلوماسي وسياسي يقتل مفعول العامل الزمني والأمر الواقع الذي راهن ويراهن عليه المغرب.
وبعد القمة العربية في الجزائر في مارس أتوقع أن يعود ديميستورا للمنطقة بمفردات جديدة ومعطيات أكثر كثافة ولغة أكثر تجليات.